وانقضت خمس سنين على إعلان تحرير ليبيا.. إشراق لثورة عظيمة.. وإنبجاس لعهد جديد.. وظفرٌ لشعب جليل.. انتفاضة عارمة على نظام شمولي بُني على التسلط وتكميم الأفواه .. استمد سلطانه من هواه .. لا خضوع لدستور أو قانون ، فالحاكم هو كل شيء .. حقه في التاج مستمد من دبابته .. وقرأ طلاب المدارس والجامعات أن للفرد حقوقاً طبيعية في الحياة والحرية تعبيراً وممارسة وعرفوا أن للشعب حق في الثورة على النظام إذا أصبحت هذه الحقوق في مهب الريح. وفي لحظة من زمن الحياة وبتولد المعاناة وبتأجج المواقف، تساءل الناس: أين الدستور؟ أين حرية التعبير ؟ كيف ولماذا ومتى؟ وتشبع أفراد من المواطنين بمبادئ الحكم الديمقراطي فأعلنوا عصيانهم، وجاهروا بكلمات وعبارات، فكان النظام لهم بالمرصاد، جوبهوا بالسجن والتعذيب والتحقير، وكان الرصاص مصير بعضهم، وبمضي الأعوام تزايد السخط والغضب، وارتفع سقف مطالب الثوار فكانت الصيحة المسلحة إيذانا بدولة ليبيا الجديدة، وتوقدت الثورة من تأجج شعب ويقظة أمة، ولكي يكون يوم التحرير واقعاً ملموساً، كانت الشهادة لمئات من الثوار، فوجب علينا أن نترحم على أولئك الذين ضحوا بأرواحهم، ونسأل الله لهم الرحمة وأن يجازيهم خير الجزاء.
وها نحن اليوم نفخر بأولئك الرجال الذين بذلوا النفس والنفيس لتحرير سرت، إنهم رجال البنيان المرصوص الذين اصطفاهم الله فأدّوا الأمانة لننعم نحن بالأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار، الإكبار والتبجيل والتوقير والتكريم لكل شهيد كسى تراب أرضنا الطيبة بدمه، فأعتلى موكب الخلد.
إن الهيئة العامة للثقافة إحدى مؤسسات دولة ليبيا إذ تهنئ الشعب الليبي العظيم في هذا اليوم فهي تؤكد أن الثورة هي نتائج مرضية على الأرض، سياسياً واقتصاديا واجتماعيا، وتعلن أن ما يحدث من انقسامات ما هو إلا مشهدًا عارضًا، وأن التحقق من ميزان قوة الثورة في كل مرحلة هو بقوة الثوار واندفاعهم لتحقيق دولة القانون والعهد. إنها دعوة – في ذكرى يوم التحرير – لتوحيد الصفوف وتجسيد الديمقراطية وإعلان المصالحة الشاملة، وبناء وطن يسوده الرخاء والرفاه والازدهار، فلا مكان لقاطع طريق، أو ظافر بغنيمة، أو مرتزق، أو مزهو مغرور، أو مسؤول متقاعس متهاون مداهن، أو مواطن طائش متكاسل متلكئ مهمل، ولا إرهاب، ولا رعب ولا هلع ولا فزع، بل أخوة متحابون متعاونون، مناضلون لرفعة الوطن، ناصرون للحق، مناوئون للتسلط والجبروت، منقادون للقانون، مبجلون في أرضهم وبين أهلهم. إن فقيه الثورة هو ذلك الثائر الذي يعي مسؤولياته بعد التحرير، فيعمل جاداً في سبيل إقامة وطن، لا فتن فيه، ولا منازعة حوله، ولا مشاحنة بين أهله، تتحقق فيه المشاريع العملاقة، والخطط التنموية المثمرة، والرخاء الاجتماعي الزاهر. حفظ الله ليبيا.
الهيئة العامة للثقافة
——————–
22/10/2016
0 تعليق