بسم الله الرحمن الرحيم
تحية الحريّة والعزّة والشّموخ..
هذه هي الذكرى الطيبة، ذات الأريخ الفوَّاج، لاستقلالنا المجيد.. الذكرى الخامسة والسّتون، نحتفي بها ونحتفل، ونحن في أَبْهى حُلَّة.. ونتذكّر الأجداد والآباء الذين رفعوا شعار “اسلمي يا ليبيا طول المدى”!.
– – –
أربعون يوماً وأهلنا لم تخبوا مقاومتهم يوماً، ولم يَلِنْ كفاحهم ساعة.. واجهوا أرتال العسكر الغزاة وهم يندفعون بطائراتهم ودباباتهم ومدافعهم الحارقة.. كان سلوك المعتدين نهباً واغتصاباً وتعذيباً وتنكيلاً ونفيًا وقتلاً وإعداماً لأصحاب الأرض، ولكن..
– – –
جابه المغاوير الصناديد الليبيّون كل تلك الهمجية.. زغاريد النساء الليبيات كانت تلهب النفوس، وصيحات الأطفال الرّضع كانت توقد جمرات الغضب في القلوب، وإراقة الدماء على الأرض كانت تزيدهم إصراراً، وتباشير النصر الآتية كانت شعلة تلوح في الأفق، واعتلاء صهوة جواد، وبندقية في اليد، غدت تيه وافتخار لهم.
– – –
كرَّ المجاهد، فدوى هديره في السهول والهضاب والجبال والصحارى، ما ارْتَعَب ولا هَلِع.. دماؤه تسقى الثرى وهو في غبطة ومسرة.. هَبّ الأبطال وتنادوا “نموت ونموت ويحيا الوطن” وشهدت الأرض الليبية الطيبة معارك الهاني في طرابلس وجليانة في بنغازي والعقيلة الشرقية بطبرق، والمرقب بالخمس، ومرسيط بالجبل الغربي، والقرضابية الشهيرة بنواحي سرت، ومعارك الصّحراء في فَزَّان؟!!
– – –
التحام لصفوف الليبيين، وتوقد لمشاعر المجاهدين.. وجَذَلٌ وفرح عام بالاستشهاد، وترنيمة حبٍّ للوطن، وأنشودة إباء وعزّة وشهامة.
– – –
ومضت السّنون وشهدت ليبيا أحداثاً جسامًا، وقَدّر الله تعالى أنْ يجازي أجدادنا بالنّصر، فكان تتويج ذلك بإعلان استقلال البلاد في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر من سنة 1951م.. استقلال رمز للعزّة.. وإيماء للشموخ.. وعلامة للأنفة!
– – –
في مثل هذا اليوم تقف وقفة تأمل ونستجلى العبر والعظات.. فالتاريخ وثائق محفوظة، شغله النظر إلى الحوادث والناس، تَجَشَّم أجدادنا الصعاب.. صبروا وتجلدوا وتآلفوا وتلاحموا واحتشدوا في صفّ واحد، فانجلى ذلك عن نصر مبين، استقلال وسيادة..
– – –
يتزامن هذا الاحتفال البهيج بدحر التّطرف والغلو، دحر فئة عرفت باسم “تنظيم الدولة”.. تشدّدت وتصلبت وتطرّفت، فخرجت عن ميثاق الأمة، وعن منهاج بني وطنها، واتخذت من القتل وسيلة لتحقيق أغراضها، فلم يكن بعد هذا إلاّ خيار المواجهة “فقاتلوا التّي تبغي حتى تفي إلى أمر الله” وأمر الله هو القِسْط.. هو العدل.. هو المحبّة.. هو التّضامن والتعاون.. هو الأمر بالمعروف..
– – –
نحيي رجال البنيان المرصوص في يوم تحرير سرت وقد فقدوا أكثر من سبعمئة شهيد وثلاثة آلاف جريح وقوفاً وصداً للفكر الظلاميّ، إننا نحزن ونتألم لكل قطرة دم تراق على تراب وطننا الغالي من رجال بذلوا النفس والنفيس، أدوا الأمانة وحققوا الأمن والأمان والطمأنينة، فالإكبار والتبجيل والتوقير والتكريم لكل شهيد من رجالاتنا كسى بدمه الطاهر تراب أرضنا الطيبة، فاعتلى موكب الخلود.
– – –
• تلهّف الأجداد وتشوّقوا للوطن.. أفلا نحن إليه ونؤوب!.
• استشعر الأجداد الوطنية فامتزجت بأرواحهم وأبدانهم.. أفلا نتلمسها ونحياها!.
• تحفّز الأجداد للنصر فتحقّق لهم.. أفلا نتهيأ ونستعد للبناء!
• تطيّب الأجداد بأجمل العبارات، وتعطّروا بأحسن الألفاظ.. أفلا نتضوع شذاها، فنحفل بأرق الكلمات!
• تبصّر الأجداد وتدبّروا.. أفلا نتمعّن ونتفكّر!
• تفاني الأجداد وأخلصوا.. أفلا نتعاقد ونتوافق!
– – –
هذه هي رؤية المثقف الليبي تُجَسِّدها الهيئة العامة للثقافة بحكومة الوفاق الوطني، وهي تستقرى التاريخ، مستبشرة وداعية إلى دولة الأمن والأمان.. إلى دولة القانون.. إلى بناء الوطن في ظل رخاء ورفاه وازدهار,
– – –
0 تعليق